الجمعة، 3 مايو 2013

أكل طعام الشيعة من الأضاحي والأفدية والنذور


فتوى رقم (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
الأحد 28/4/2002

س/ ما حكم الشرع في أكل طعام الشيعة الإمامية مما يقربونه أضاحي وأفدية ونذوراً إلى أئمتهم أو بمناسباتهم؟
ج/ إذا أطلق لفظ طعام في المصطلح الشرعي فإنه ينصرف إلى الذبائح خاصة، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، إلا أربعة: الذبائح، الدماء، الفروج، الأموال، فإن الأصل في هذه الأربعة هو الحظر. ويكاد يكون هذا موضع إجماع بين علماء المسلمين من شتى الطوائف، والأدلة عليه أكثر من أن تحصى. فعندما تقول طعام الشيعة، أو طعام الإباضية أو طعام اليهود أو طعام النصارى فيجب أن يكون المتبادر هو الكلام على الذبح والتذكية، أما سائر الطعام الآخر من خبز وطبخ وخضار وفاكهة فالأصل فيه الإباحة المطلقة ما لم يخالطه محرم من خمر أو ميتة أو نجاسة.
وذبائح اليهود والنصارى إذا ذبحت على طريقتهم الشرعية فهي مباحة لنا مطلقاً لقوله تعالى: ((وطعام الذين أوتوا الكتاب حِلٌّ لكم)) أما إذا تحققنا أن الذبح غدا على غير الطريقة الشرعية كما هو الحال في أوربا وأمريكا وكثير من دول الغرب العلمانية التي لم تعد تلتزم بسنة النصارى في الذبح فإن الحكم الشرعي ينقلب تماماً ويصبح الأصل في ذبائحهم الحظر حتى تثبت التذكية على ملتهم لأن الحكم يدور مع الغالب، والشذوذ لا حكم له، أو يُحكم عليه بقدره.
فإذا كانت ذبائح اليهود والنصارى مباحة لنا - وكلهم مشركون كما يقول ابن عباس فيما أخرجه البخاري في صحيحه، ولكن الله تعالى رخّص لنا في طعامهم ونسائهم رحمةً بنا وإحساناً منه إلينا، فكيف نتجرأ على الله تعالى ونقول بأن ذبائح الشيعة لأي مناسبة من المناسبات وبأي نية من النوايا: إنها ذبائح محرمة والطعام الذي يخالطها لا يجوز أكله؟!
وقوله تبارك وتعالى ((وما أهلّ لغير الله به)) وقوله: ((ولا تأكلوا مما لم يُذكر اسمُ الله عليه)) بيّنت السنة النبوية مرفوعةً وموقوفةً أن المشركين كانوا يُسَمُّونَ على الذبيحة باسم أوثانهم وكانوا يتقربون إلى الأوثان بهذه القرابين التي ينحرونها عند الأوثان فهم سمّوا بغير اسم الله أو أشركوا مع اسم الله غيرَه، وهم تقربوا وأهلّوا بها إلى الأوثان لا إلى الله تبارك وتعالى، فمِنْ هنا كانت مُحرّمة على المؤمنين إضافة إلى وقوع الشرك المطلق في عقائد العرب قبل الإسلام.
فالشيعي والسني والزيدي وسائر أتباع الفرق الإسلامية لا تخلوا ذبيحتهم من إحدى ثلاث جهات:
أولاً: أنْ يذكر عليها اسم الله تعالى، ثم يقدمها هدياً لله تعالى عن فلان ممن يحب.
ثانياً: أنْ يذكر اسم الله عليها واسم فلان المهدى إليه، وهذا له حالان:
1.    أنْ تكون الواو عنده عاطفة، وهذا شرك.
2.  أنْ تكون الواو عنده معية، أو حالية، وهذه تفيد التأكيد والتخصيص بإشراك الأدنى مع الأعلى تشريفاً له وليست من باب الشرك في شيء، لكن المتنطعين يجعلونها من الشرك.
فحينما يقول عامة المسلمين من شتى الفرق: أنا دخيل على الله وعليك، فلا يقصد واحد منهم إطلاقاً أن المدخول عليه الثاني ند لله تعالى، وإنما يقصدون تذكيره بالله وأنهم دخلوا عليه بعد الله مباشرة لم يدخلوا على أحد غيره، وهذا فيه اختصاص له وتمييز له عن غيره، فليس من الشرك في شيء والله أعلم.
والحديث الذي يروونه لا يصح في ذلك أبداً، على أن الأولى في كل ذلك تعليم الناس عدم استخدام الألفاظ الموهمة.
ثالثاً: أنْ يسمي الذابح أو الآمر بالذبح باسم المُهدى إليه أو يقول: يا حسين هذا لك، أو يا موسى الكاظم هذا بين رجليك….إلخ دون أن يذكر لفظةً تدل على أنه قدّم ذلك عن محبوبه هدياً لله، كأنْ يقول: يا حسين هذا عنك لله، أو هذا لله بحبك، أو هذا من أجلك قربى لله تعالى… فإذا وُجِدَتْ لفظةٌ تدل على أن الذابح يقصد وجه الله ومثوبته في ذبيحته فقد حلت الذبيحة حتى ولو لم يسمّ الله عليها نسياناً لا تعمداً.
فحين يأتي ميلاد علي بن أبي طالب أو الزهراء أو مقتل الحسين أو مقتل زيد بن علي أو الكاظم عليهم سلام الله، ويحتفل الناس بهذه الذكريات المحزنة بإطعام الطعام وسقاية الناس الماء والشراب أو كثرة الصدقات فإننا نسمع من كلامهم ذكر الله والتقرب إلى الله وأنهم إنما يفعلون ذلك حباً بآل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقرباً إلى الله تعالى بهذا الحب لاعتقادهم بأن هؤلاء أحباب الله، وبالتالي فلا يجوز بحال من الأحوال أن يُلبس على المسلمين فيُقال أنّ هذا طعامٌ أُهلّ لغير الله به، فمهما كانت النية سيئة فلا تحوّل الطعامَ من حلال إلى حرام إلا في الذبح، فكل الطعام والشراب مباحٌ في الأصل، فلا يُذهِبُ إباحتَه نيةُ مقدِّمِه، وتنحصر المسألة في الذبح.
ويلتحق بذلك حكمٌ قريبٌ هو إذا ما ذَبَحَ الناذرُ أو المُهدي ذبيحة على قبرٍ أو قرب قبر، فإن كثيراً من الشباب المتحمس وخاصة السلفية يرون هذا من الشرك..!! ولا تخلو هذه الذبيحة من ثلاثة أحوالٍ أيضاً:
الأولى: أن يَذبح على القبر لاعتقاده أن محبوبه يراه فيسرّ بذلك مع قيامه بالواجب الشرعي من التذكية والتسمية والإهلال لله، فهذه حلالٌ لا ريب فيها، ولو ذبحها على القبر مباشرة!
الثانية: أن يذبحها على القبر ليوزعها على الفقراء الذين يكونون في المقبرة أو قريباً منها، فيكون هذا الميت الذي هو سبب الذبيحة مصدرَ خيرٍ لأهل تلك المنطقة، فهذا مقصدٌ شرعي لا حرجَ فيه إطلاقاً.
الثالثة: أن يذبح هذا الهدي على القبر أو قرب القبر وينطق بكلام يفهم منه أنه يتقرب إلى صاحب القبر به، فلا يذكر اسم الله ولا يوجه الذبيحة إلى القبلة إشعاراً بسنة أهل الإسلام، ولا يقول اللهم هذا منك وإليك عن فلان… إنما يقول مثلاً: يا فلان هذا لعيونك، أو هذا بحبك، أو أذبح لك هذا الهدي لترضى عني، أو لتسامحني… من غير أن ينطق بما يشعر بأن المكافئ هو الله تعالى وأن المتقبل هو الله وأن المقصود الأعظم هو الله، فهذه ذبيحة حرام وهي لون من المظاهر الشركية التي يأثم صاحبها بلا ريب. والله أعلم.
انتهى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق