الجمعة، 3 مايو 2013

زواج المتعة

فتوى رقم (3)
بسم الله الرحمن الرحيم

س/ ما هي خلاصة الحكم الشرعي في زواج المتعة؟
ج/ إذا تعدّدتْ واردات الحظر والحِلّ على مورد واحد، لم يُوصف هذا المورد بحِلٍّ ولا حرمة لذاته، وإنما يُوصف بهذا أو ذاك بالإضافة، وهذا ما يسمونه بدوران الأحكام مع عللها وجوداً وعدماً. وهذا ما فهمه جابر بن عبد الله، وابن عمر، وابن عباس، وجمعٌ من الصحابة، حيث نقلوا استمرار العمل بالمتعة حتى صدرٍ من خلافة عمر، حتى قالوا: ثم نهانا عمر فانتهينا.
والقول بأن هؤلاء الصحابة ما كانوا مطّلعين على نهي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عبثٌ، لأنه لا يُعقل أن يغفل مثل هؤلاء عن شرعٍ قُطعت حرمته.
غير أن السؤال الذي يَرِدُ هو: علامَ استند عمر في النهي عن المتعة، والتهديد بالنكال لفاعلها؟
والجواب – عندي – والله أعلم، هو نفسُ المورد الذي نفسر به نهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فعمر يرى أن القضاء على ظاهرة التسيّب الأخلاقي الواضح عند المتمتَّع بهنّ – وهنّ طبقةٌ مرذولةٌ من المجتمع – يجب أن يتم، ولم يعد هناك حاجة إلى إقرار مثل هذا التشريع، لأن الخير قد كَثُر، ويمكن للإنسان أن يتزوج بسهولة في عصر عمر، ثم لأن السبايا قد كَثُرنَ، ويسع الإنسان أن يتسرّى بسريةٍ إذا كان عاجزاً عن الزواج بامرأة، وليس للسرية حرمة المرأة الزوجة.
فأمام هذه المعطيات الجديدة، وأمام هذا الهدف الأخلاقي الإسلامي، رأى عمر النهيَ المطلقَ عن نكاح المتعة، لا باعتباره أمراً شرعياً ربانياً مانعاً، والله أعلم، وإنما باعتباره أمراً شرعياً مصلحياً، يقدّر الإمامُ المجتهدُ – حصراً – مع مجلس شورى، منافعَه وعوائدَه الخيّرة، أو غير ذلك.
وقد جاء عثمان وعلي ومعاوية وسائر ملوك بني أمية وبني العباس، ولم يقم أحدٌ بنقض ما أبرمه عمر، لقناعتهم – في نظري – بانسجامه مع الأهداف الإسلامية. ولطول مدة الأخذ بقرار عمر، ولموافقة عليّ – حصراً – له، أخذ طابع قوة التشريع الملازمة.
والسؤال الآن: هل يجوز لأحد أن ينقض ما أبرمَ عمر؟
والجواب: أن نظام نكاح المتعة المقرر في السنة النبوية، والذي ذكره فقهاء الشيعة الإمامية، نظامٌ دقيق، لا يختلف كثيراً عن الزواج المؤبد، إلا في نقطتين أساسين، وبعض الفروعيات.
فالتوقيتُ، وعدمُ التوارث، هما النقطتان البارزتان في اختلاف نكاح المتعة عن النكاح المؤبد، وكل ما سوى ذلك سهل.
وأقول: إذا وُجِدَ الإمامُ المجتهدُ، النافذُ السلطان، فمن حقّه أن ينظر في هذه المسألة، وفي غيرها من القضايا التي بُنيت أحكامُها على المصالح الشرعية، وحتى يوجد هذا الإمام، فلا يجوز لأحد أن يتمتع – في نظري – والله أعلم.
ملاحظة: كل ما مرّ من الجواب يتعلق بالمسلمات، أما غير المسلمات من الكتابيات، فلهنّ حكمٌ مختلف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق